هل ستظهر ازمة عالمية اخرى

هل يواجه العالم أزمة أخرى؟

منذ 9 مارس/آذار ارتفع مؤشر ستاندرد آند بورز 500 بأكثر من النصف (رويترز-أرشيف)

تساءلت صحيفة أميركية عن احتمالات تعرض العالم لهزة اقتصادية أخرى.

وأشارت واشنطن بوست إلى جرس الإنذار الذي أطلقه الاقتصادي الأميركي نورييل روبيني أستاذ الاقتصاد بجامعة نيويورك الأسبوع الماضي عندما حذر في مقال نشرته صحيفة فايننشال تايمز من أن الاحتياطي الاتحادي الأميركي والبنوك المركزية الأخرى في العالم تسهم في خلق فقاعة ضخمة تنذر بنتائج كارثية في المستقبل.

وقالت واشنطن بوست إن روبيني الذي تنبأ في السابق بحدوث الأزمة الحالية يرى أن الاحتياطي الاتحادي الذي يحافظ على سعر الفائدة عند نحو صفر في المائة يدفع المستثمرين والمضاربين إلى شراء الدولار بسعر فائدة منخفضة يستثمرونه في شراء أصول متعددة مثل الأسهم والسندات والذهب والنفط والمعادن والعملات الأجنبية مما يؤدي إلى زيادة أسعارها ويحقق أرباحا طائلة.

لكن هذا الوضع لا يمكن أن يستمر. ويرى روبيني أن الاحتياطي الاتحادي سيجد نفسه مضطرا في النهاية إلى رفع أسعار الفائدة، كما أن مواجهة مع إيران مثلا ستغير سيكولوجية السوق مما سيدفع المستثمرين إلى التنافس لجني الأرباح عن طريق البيع السريع وهو ما سيؤدي إلى انهيار وإلى هبوط كبير في أسعار الأسهم والسلع والسندات وما يستتبعه من فقدان الثقة وهبوط في الاقتصاد.

خطورة الفقاعة
ويقول روبيني إنه يبدو أن الاحتياطي الاتحادي وصانعي السياسة لا يعرفون بخطورة الفقاعة التي يخلقونها. وسيكون انهيار الأسواق مرتبط بالمدة التي يبقى فيها هؤلاء متعامون عن هذه الحقيقة.

وقالت واشنطن بوست إن نصف ما يقوله روبيني حقيقي. واستشهدت بأن أسعار الأصول بدأت في الارتفاع. ومنذ 9 مارس/آذار ارتفع مؤشر ستاندرد آند بورز 500 بأكثر من النصف. كما أن مؤشرا
لـ22 اقتصادا ناشئا بما فيها البرازيل والصين والهند تضاعفت. وزاد سعر النفط إلى ثمانين دولارا للبرميل وهو ما يمثل ارتفاعا بنسبة 150% من 31 دولارا وهو المستوى الذي وصله نهاية العام الماضي.

في نفس الوقت ارتفع سعر الذهب إلى ألف وتسعين دولارا للأوقية وهو أعلى مستوى على الإطلاق بينما انخفض سعر صرف الدولار مقابل معظم العملات الرئيسية الأخرى.

وقالت واشنطن بوست إن ما ذكره روبيني بأن ارتفاع الأسعار مدفوع بالقروض الرخيصة غير صحيح. إذ إن المستهلكين والشركات قاموا بعمليات جمع لاحتياطيات نقدية وخفض للإنفاق وبيع للأسهم في بداية العام الحالي مع ضعف الاقتصاد. ومنذ ذلك الحين تحسنت المؤشرات الاقتصادية.

وقالت إن الأسواق عوضت الخسائر الكبيرة التي منيت بها في الأشهر السابقة، وإن أسعار اليوم لا تزال أقل من أسعار الذروة التي وصلتها في السابق كما لم يصل النفط بعد إلى 150 دولارا وهو المستوى الذي وصله في منتصف العام الماضي. هل ستظهر ازمة عالمية اخرى Top-page

"
مدى المهارة التي سيتخلى بها الاحتياطي الاتحادي عن سياسته الخاصة بسعر الفائدة سيكون مهم جدا سواء بالنسبة للعالم أو للولايات المتحدة

"

وقالت واشنطن بوست إن أسعار الأسهم مبررة بالنظر إلى الأسعار التي سبقت الأزمة.

كما أشارت إلى أنه لا يوجد ما يؤكد أن هبوط سعر الدولار أدى إلى زيادة القروض وإلى زيادة المضاربة.

فالبنوك في الولايات المتحدة وأوروبا تخفض الائتمان, بحسب الاقتصادي هانغ تران في معهد المالية الدولي.

ويؤكد تران أن القروض التي تسعى إليها صناديق التحوط أقل في حجمها من 2007 كما قامت الصناديق بتحويل الأموال إلى أسواق أخرى.

وقال إن الأسواق الرئيسية شهدت تحويل أكثر من ثلاثمائة مليار دولار منها عن طريق صناديق التحوط.

ويقول درو ماتوس ببنك أوف أميركا إن انخفاض سعر الفائدة يعني السعي لإجبارك على فعل شيء ما بنقودك فإما أن تنفقها أو أن تستثمرها. فمنع الركود يعني تعزيز الاستهلاك وأسواق الأصول.

الخيط الرفيع
وقالت واشنطن بوست لا شيء يثبت حتى الآن صدق تحذيرات روبيني لكن لا شيء أيضا يلغيها. فقد تعلمنا أن هناك خيطا رفيعا بين تعزيز توسع الاقتصاد وخلق مناخ الفقاعة.

ولأخذ العبرة من الماضي فقد أدت سياسات الاحتياطي الاتحادي المرنة إلى خلق فقاعة التكنولوجيا في نهاية تسعينيات القرن الماضي وخلق فقاعة سوق المساكن، رغم ما يقال عن مدى إسهامه فيها.

ويقول تران إن أكثر ما يثير القلق بالنسبة للمضاربات هو ما يحدث في بعض الدول الآسيوية ودول أميركا الللاتينية. فقد تدفقت إليها رؤوس الأموال من الخارج مما دعم أسواق الأسهم وعوجهعدم الرضا عن الدولار. وقامت البنوك المركزية في هذه الدول بمحاكاة سياسة الاحتياطي الاتحادي، أي بالإبقاء على سعر الفائدة وهو ما عزز عمليات الائتمان.

وارتفعت أسواق الأسهم فيها إلى مستويات لم تشهدها من قبل مما ينذر بحدوث أزمة. فرفع أسعار الفائدة يشجع رأس المال الأجنبي بينما إبقاؤها منخفضة يشجع الاقتراض بالعملة المحلية. وسبب هذه الأزمة في الأصل سياسة خفض الفائدة التي يتبعها الاحتياطي الاتحادي.

والنتيجة هو أن مدى المهارة التي سيتخلى بها الاحتياطي الاتحادي عن سياسته الخاصة بسعر الفائدة سيكون مهم جدا سواء بالنسبة للعالم أو للولايات المتحدة. فإذا كان التحول في سياسة الفائدة سريعا فإنه قد يقتل الانتعاش الاقتصادي وإذا كان بطيئا جدا فقد يؤدي إلى فقاعات وأيضا إلى قتل الانتعاش.

» تقرير: دولة الاحتلال تواجه حملة عالمية لنزع الشرعية عنها